عرض المقال
وإذا الموءودة دُهست
2013-08-11 الأحد
كانت تنتظر اسمها فى صفحة الاجتماعيات يوم زفافها فإذا به يصدمنا فى صفحة الحوادث والوفيات، حتى اسمها لم نعرفه لأنها عورة من الميلاد حتى الممات، ولكننا سنفترضه مثل كل شىء نتخيل أننا نعيشه ولا نعيشه فى عالمنا الافتراضى، «شروق» فتاة طنطا زهرة العشرينات صدقت أن البنت فى مصر لها سعر ولها قيمة ولها إرادة، لذلك وللأسف الشديد قررت أن تتخذ موقفاً، رفضت التحرش فدهسها السائق الذى انتهك آدميتها وأهان كرامتها، حوّلها إلى جثة لأنها أرادت أن تكون إنسانة ولو لدقيقة واحدة! حوّلها إلى جثة وهى التى كانت قد نزلت إلى الشارع لتحتفل بالحياة! ذنبك يا شروق أنك عشتِ فى وهم أن من حقك الاحتفال بالعيد والاحتفاء بالحياة، ليس من حقك الحياة أصلاً لسبب بسيط هو أنك تحملين عار تاء التأنيث وحق الأنثى الوحيد إن رضينا عنها كذكور ومنحناها حق مواصلة التنفس هى أن تمتع فحولتنا! جريمة شروق أنها صدقت أن الشارع لها ولغيرها من بنات حواء، الحقيقة الناصعة هى أن الذكر قد صادر الشارع لصالحه وبشروطه وما على الفتاة إلا الانصياع، عليها أن تفتح أذنيها لكلماته الفظة القبيحة وعينيها لجلافته وثقل ظله ولا إنسانيته، أما جسدها فهو مسرح كبته الجنسى وعقده النفسية وخوائه الروحى، شروق الغلبانة أخذت حذرها قبل النزول إلى الشارع كما علمها المجتمع، لفّت نفسها بلفائف الكفن الدنيوى، رسمت الغضب على الملامح، قتلت الابتسامة، مشت كعسكرى الدرك، وبالرغم من ذلك تحرش بها ضباع الشارع، لأنها مستباحة حتى يثبت العكس، الأنثى فى مصر هى هدف استراتيجى جنسى ومشروع علاقة مفتوح وخطة عهر مؤجل حتى تحين الظروف وفريسة حتى يتمكن الصياد، موءودة قبل أن تُولد ومدهوسة قبل أن توجد، ليس من حقها السير فهى تُقبل وتُدبر كشيطان، ينقصها العقل والدين، تقطع الصلاة كالحمار والكلب، وإذا تعطرت فهى زانية وإذا تحدثت فصوتها عورة وإذا استُشيرت فهى تُستشار لنخالف رأيها، وهى فى قعر النار، وهى حطب جهنم، ماذا تريدين من رجل تربى على هذه الثقافة إلا أن يدهسك وبكل برود ولا مبالاة حتى تطقطق عظامك وينفجر الدم من شرايينك؟! فهو فى النهاية يدهس مجرد أنثى هى فى سوق الجوارى مجرد رقم وسلعة، غسل دماغه منذ أسبوع داعية قائلاً له من حقك ألا تدفع أجرة الطبيب لزوجتك ومن حقك أن تمنعها من زيارة أهلها بل من حقك ألا تدفع ثمن كفنها! جريمتك أنك قد وُلدتِ فى مصر وبرغم حفظك وتنفيذك لكل الفرمانات الذكورية من ختان ومنع اختلاط وخفض صوت وحرمان من الرياضة وإطراقة رأس وإلغاء زينة، برغم كل هذا قتلك السائق بسيارة بعد أن ذبحك بكلمة وبنظرة وبلمسة، لم يدهسك السائق فقط بل دهسك من قبل المجتمع الذى توّج هذا السائق وصياً وحكماً وقيّماً لمجرد أن فى دمه زيادة فى هورمون التستوستيرون!